رجال حماس مشاريع شهادة سواء أكانوا قساميين في لحظة ما أو لم يكونوا ، وهم يسخرون حياتهم كلها لخدمة دعوتهم وطريقهم الذي ارتأوه ، ولربما لم تكن الشهادة قبل عدة سنوات إلا حلما في ذهن الاستشهادي عبد الباسط عوده وهو يقوم بعمله المعتاد في مدينة نتانيا وفي فنادقها بالتحديد ، فهو بالتأكيد حينها لم يكن ليتخيل وهو في داخل فنادق نتانيا أنه سيفجر هذا الفندق أو ذاك إلا من قبيل الأحلام والتخيلات السعيدة ، ولكن الأيام تمر ، والأشبال يكبرون ، ومن يصر على أمر سيناله ، فقد جاء أوان الاستفادة من تلك الأيام التي تمكن فيها عبد الباسط ورفاقه من معرفة حتى التفاصيل الدقيقة عن طبيعة النظام داخل هذه الفنادق وفندق بارك على وجه التحديد ، ومواعيد الطعام والرقص ، والية العمل ، فدخل الاستشهادي إلى مكان يعرفه جيدا ، ولشدة ثقته بنفسه فقد أخذ يتجول داخل الفندق حسب شهود العيان من الصهاينة ، ولا مجال للشك من قبل أحد ، وعليه فقد أخذ موقعه بكل حرية ودقة دونما تشويش من أحد ، ولكن من هو الاستشهادي عبد الباسط عوده ؟
إنه عبد الباسط محمد قاسم عودة ولد وترعرع في بيت متدين وقد عرف الشهيد طريقه إلى بيوت الله مبكرا فقد كان أحد أشبال حركة حماس في الانتفاضة الكبرى وكان أحد نشطائها الذين تمرسوا على رمي الحجارة على الجنود الصهاينة ورضع الشجاعة من سِير الصحابة رضوان الله عليهم بعد أن اعتاد على حضور دروس المسجد التي يلقيها الشباب المسلم من أبناء الحركة الإسلامية على مسامع أشبال الحي الذين كان منهم عبد الباسط في تلك الأيام فقد ولد القسامي البطل أسد الثأر المقدس عبد الباسط عودة في مدينة طولكرم بتاريخ 29/3/1977م ويعود مسقط رأسه إلى قرية " خربش" قرب مدينة كفر قاسم العربية الواقعة داخل مناطق المحتلة عام 48م . وله من الإخوة سبعة : ثلاثة أشقاء ثلاثة و أربع شقيقات وترتيبه فيما بينهم الخامس من حيث العمر وقد أنهى دراسته مبكرا وانطلق نحو العمل ومساعدة والده في تجارة الفواكه و عمل سائقا على سيارة لنقل الركاب داخل المدينة .
وبالإضافة إلى تاريخه النضالي المعبق برائحة الشهادة فقد كان في الانتفاضة الكبرى الأولى عام 87 من نشطاء حركة المقاومة الإسلامية حماس قطاع الأشبال ، وكان مميزا بجرأته وشجاعته في المواجهات والتصدي للقوات والجنود الصهاينة ، وقد اعتقل خلال الانتفاضة الأولى لمدة خمسة شهور علاوة على إصابته بشظايا في رأسه .
ورغم هدوء الوضع السياسي والمواجهات المباشرة ما بين الفلسطينيين والقوات الصهيونية في الفترة الأولية لقدوم السلطة إلا أن الشهادة والاستشهاد كان ديدن الشهيد البطل ويعتقد مقربون منه أنه عمل في خلية ضمت الشهيد عامر الحضيري و المجاهد المعتقل نهاد أبو كشك وبقيت أمنيته في الشهادة حبيسة ضلوعه والمقربين جدا منه في الكتائب إلى أن فضح أمره بعد اعتقال المجاهد القسامي نهاد أبو كشك حيث وجدت القوا ت الصهيونية معه وصية تعود إلى أحد الاستشهاديين فمن كان يا ترى ، نعم كان المجاهد عبد الباسط محمد عودة وبعد تحقيق شديد تعرض له المجاهد القسامي نهاد أبو كشك توصلت أجهزة الأمن الصهيونية إلى اعترافات مفادها أن عبد الباسط كان جاهزا لتنفيذ عملية استشهادية ولكن استشهاد عامر واعتقال نهاد حال دون ذلك ، ومن هذا التاريخ أي منذ بداية آب 2001 توارى مجاهدنا عن الأنظار نهائيا ولم يعد يظهر في المدينة أو في أي مكان آخر بعد أن أدرج اسمه ضمن لوائح المطلوبين للتصفية أو الاعتقال لقوات الاحتلال في أكثر من صحيفة صهيونية . بعد اتهامه حسب الصحف الصهيونية بالوقوف خلف عمليتي كتائب القسام في مدينة نتانيا في شهري آذار وأيار واللاتي أحمد عليان ومحمود مرمش واللتين أوقعتا تسعة قتلى وعشرات الجرحى ، وكان ضمن الهيكل القيادي المحتمل لأفراد الكتائب الذي نشرته الصحف الفلسطينية نقلا عن الصحيفة العبرية ( يدعوت أحرنوت ) .لذلك اختفى مجاهدنا من حينها مدة عام ونصف عن الأنظار نهائيا ولم يظهر إلا في مدينة نتانيا في الساعة السابعة والنصف مساء يوم الأربعاء الموافق 27 /3/2002م بعد أن استطاع المجاهد المُطَارِد القسامي عبد الباسط عودة من اختراق كامل التحصينات الصهيونية التي انتشرت في كافة المناطق المحتلة وعلى مفترقات الطرقات وعلى الحدود ليصل إلى عمق مستوطنة نتانيا الساحلية متوجها إلى فندق بارك بكامل عتاده لفتح جبهة عسكرية مع المغتصبين ويرسم بجسده الطاهر صورة جديدة للبطولات القسامية.
ملاحضة/ سيتم بث وصيتة الشهيد على مو قع الهدى الأسلامي